الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعابر في سوريا.. المال يجمع الأعداء والسياسة تفرقهم 

المعابر في سوريا.. المال يجمع الأعداء والسياسة تفرقهم 

24.08.2021
العرب اللندنية


العرب اللندنية 
الاثنين 23/8/2021 
دمشق - قسمت الحرب التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عشر سنوات البلاد إلى مناطق سيطرة ونفوذ، رُبطت عبر معابر بين أبناء البلد الواحد فرضتها سلطات الأمر الواقع، فيما نشطت عمليات التهريب، وأودت بحياة العشرات برصاص أطراف الصراع، التي استخدمت تلك المعابر أداة ضغط وورقة ابتزاز لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية. 
وفتحت إلى جانب المعابر خطوط تهريب دفع بعض سالكيها حياتهم برصاص أطراف الصراع، التي اتخذتها وسيلة أيضا تستخدمها للضغط. 
ولعل أكثر المعابر الموجودة حاليا توجد في المناطق التي تربط مناطق سيطرة الحكومة السورية مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المسيطرة على مناطق شمال شرق سوريا، ويتجاوز عدد المعابر 15 معبرا في (ريف حلب الشرقي، الرقة، ودير الزور). 
ويؤكد قيادي في المعارضة السورية أن “المعابر التي وجدت بين مناطق الصراع هدفها جمع المال وابتزاز تجار ومواطنين”، متسائلا عن معنى “دفع جمارك ورسوم على مواد صنعت داخل سوريا أو تم استيرادها عبر الحكومة السورية لدى دخولها إلى مناطق سيطرة قسد”. 
المعابر التي تربط مناطق سيطرة النظام السوري مع قوات سوريا الديمقراطية ورقة ابتزاز لتحقيق مكاسب مالية وسياسية 
ويضيف القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه أنّ “المعابر التي تربط مناطق سيطرة الحكومة السورية مع باقي المناطق، هي تحت سيطرة الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، وكل ما يدخل أو يخرج عبر تلك المعابر يدفع عليه رسوم، حتى وإن كانت أشياء بسيطة كهدية شخصية ربما لا يتجاوز ثمنها بضع دولارات.. عليك أن تدفع إما رشوة لعناصر المعبر أو يتم ترسيمها ويذهب المبلغ إلى الفرقة الرابعة، التي أصبحت دولة داخل دولة”. 
ويقول مدير المعابر في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا رودي محمد أمين إنّ “جميع المعابر التي تربط مناطق الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية، أغلقت أمام حركة التجارة منذ 20 مارس الماضي، ولا يسمح فقط بالعبور إلا للطلاب والموظفين والمسافرين خارج سوريا ولديهم وثائق سفر خارجية، إضافة إلى مراجعي المستشفيات”، كاشفا عن أنّ عدد المعابر بين الجانبين يبلغ نحو 12 معبرا. 
وأضاف أمين أنّ “الإغلاق أثر بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية والأساسية في مناطق شمال سوريا.. نحن لا نمتلك معامل لتغطية حاجة المنطقة، ونعتمد في كل احتياجاتنا على ما يصلنا من الداخل السوري من معبر سميلكا مع العراق (خضار، فواكه، وصولا إلى كل الاحتياجات الأساسية واليومية)”. 
وانتقدت مصادر سورية مطلعة على ملف المعابر تحميل قسد الحكومة السورية مسؤولية إغلاق المعابر، وقالت المصادر إنّ “قسد أوقفت نقل المواد النفطية وغيرها من المواد التي تنقل من شمال شرق سوريا باتجاه مناطق سيطرة الدولة السورية”. 
وأضافت المصادر أنّ “هناك تفاهمات تمت بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، ولكن الإملاءات الأميركية على قسد هي التي أخلت بتلك التفاهمات.. الحكومة السورية لا تحاصر أبناء شعبها.. لكن قيادة قسد هي التي تحاصرهم، إن كان ذلك في مناطق سيطرتها أو عبر منع المشتقات النفطية من الوصول إلى مناطق سيطرة الدولة”. 
وإذا كانت خطوط التماس هادئة بين القوات الحكومية السورية وقوات سوريا الديمقراطية فإن خطوط الأخيرة مع فصائل المعارضة التي تسيطر على ريف حلب ساخنة جدا، ومع ذلك فإن حركة التجارة مستمرة. 
ويرى القيادي في المعارضة السورية محمد سرمين أن التبادل التجاري مع قسد تفرضه الضرورة، مبررا ذلك بقوله “لا نريد حصار أهلنا في شمال شرق سوريا، ولدينا مصلحة مع قسد في تزويد مناطقنا بالمواد النفطية، أما في مناطق سيطرة النظام فلا يوجد أي تبادل تجاري على الإطلاق .. هذا الأمر مطلب شعبي قبل أن يكون رسميا”. 
قيادي في المعارضة السورية يؤكد أن المعابر التي وجدت بين مناطق الصراع هدفها جمع المال وابتزاز التجار والمواطنين 
وترتبط مناطق سيطرة المعارضة السورية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية بمعبر وحيد، وهو معبر أبوالزندين قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي، لتبادل الأسرى بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية أو دخول مهجرين إلى مناطق شمال سوريا. 
وفي نهاية مارس الماضي خرجت مظاهرات في مناطق سيطرة المعارضة في ريفي حلب إدلب ضد طلب روسيا فتح معابر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية. 
ويقول أبومحمد، أحد أصحاب شركات النقل في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، “أحيانا نتوقف عدة أيام بسبب القصف والاشتباكات بين قسد وفصائل المعارضة في مناطق ريف منبج الغربي، الذي يمر منها معبر أم جلود ومعبر عون الدادات شمال منبج، ومع ذلك فإن كلا الطرفين يتقاسمان واردات عمليات النقل”. 
وكشف مسؤول في الإدارة المدنية بمدينة منبج عن تفاهمات بين الأعداء محورها المال، موضحا أنّ “إغلاق كافة البوابات الحدودية مع تركيا دفع الإدارة الذاتية إلى إيجاد حلول وتأمين البضائع من تركيا عبر تجار ووسطاء في مناطق سيطرة المعارضة، يقابله تأمين النفط لمناطق سيطرة المعارضة”. 
ويبقى وجود المعابر بين مناطق الصراع رغم تعقيداتها أفضل حال من العبور والدخول إلى تلك المناطق من خلال التهريب، كما هو الحال في مناطق تسيطر عليها تركيا وفصائل موالية لها ويطلق عليها منطقة نبع السلام في ريفي الرقة والحسكة. 
ويحمّل مسؤول في المجلس المحلي لمدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، فصائل المعارضة وقسد مسؤولية عدم فتح معابر في منطقتي رأس العين وتل أبيض باتجاه الرقة والحسكة. 
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه “طالبنا مرارا بفتح معبر باتجاه مدينة الرقة، ولكن لا توجد رغبة من الفصائل التي تسيطر على المنطقة وكذلك من قسد، حتى تبقى خطوط التهريب التي تتم في وضح النهار وتذهب الآلاف من الدولارات يوميا إلى جيوبهم وليس لصالح تنمية المنطقة